الوصف
«الزبير» مدينة عراقية تقع جنوب العراق وتبعد (16كلم) في الجنوب الغربي عن مركز محافظة البصرة حيث تتبعها إدارياً ويبلغ عدد سكانها (800.000) نسمة، وتمثل مدينة «الزبير» إحدى مناطق السنَّة في جنوب العراق، تسكنها عشائر وقبائل وأسر وأصول نجدية عربية، ولكن رحلت الكثير من هذه الأسر إلى المملكة العربية السعودية والكويت في مطلع ثمانينات القرن العشرين عند بداية الحرب العراقية الإيرانية (1400-1408هـ/1980-1988م).
وكانت تعتبر المدينة من مراكز استراحة المسافرين بين الجزيرة العربية ومنطقة الخليج والعراق، كما أن قربها من البادية جعلها موقعاً لاستقرار البدو القادمين من صحراء نجد وبادية العراق ومنطقة التبادل التجاري معهم، و«الزبير» كبلدة عراقية لها مكانتها التاريخية تحفل بالتراث والأحداث خلال بضعة قرون في تأسيسها كما أنها محط رحال القادمين والقاصدين إلى حج البيت الحرام ممن هم خارج العراق القادمون من الشمال والشرق.
وقد سميت «الزبير» بهذا الاسم نسبة إلى «الزبير بن العوام» (رضي الله عنه) المدفون فيها سنة (38هـ/659م)، ونشأت على أنقاض البصرة القديمة التي خططها القائد العربي المسلم عتبة بن غزوان سنة (14هـ/635م) في عهد الخليفة «عمر بن الخطاب» (رضي الله عنه) واتسعت في العهد الأموي حتى أصبحت تغطي مساحة تقدر بحوالي (94كم) مربعاً وقد تحولت في العهد العباسي إلى مرفأ وميناء تجاري وظهرت فيها البنوك والمصارف وتوسعت علاقتها التجارية وأقبل عليها الناس من مختلف البلدان لمزاولة الأعمال فيها، لكن على أثر سقوط الدولة العباسية بيد المغول سنة (656هـ/1258م) أهملت وبدأت في أوائل القرن الرابع عشر الميلادي بالانقراض وانتقل معظم سكانها إلى الشرق حسب موضعها الجديد.
وإن ما جلّ ما كتب عن المدينة «الزبير» من كتب تراثية ودراسات جامعية ركزت على المدينة القديمة منذ تأسيسها على أيدي المهاجرين النجديين، وانتهاء بالهجرة المعاكسة الكبيرة من «الزبير» إلى المملكة العربية السعودية في سبعينيات القرن العشرين وخصوصاً بعد اندلاع الحرب العراقية – الإيرانية (1980-1988م)، فنفدت المدينة من ساكينها النجديين وكأنها انتهت تماماً دون الإشارة إلى الواقع الجديد الذي بدأ بهجرات غير النجديين بعد الحرب العالمية وتزايدهم إلّا القليل من الكتّاب.
وإن ما فعله الكتّاب يعتبر بمثابة وفاء لمجتمع مصّر الأرض الأرض الجرداء وأنشأ بسواعد أبنائه مدينة عامرة بمساجدها وأسواقها ومدارسها العلمية حيث سُميت (الشام الصغرى) وسوراً ارتفع لأربعة أمتار وبعرض ثلاث أمتار للدفاع عنها، ولكن هذا لا يمنع من أن يتناول الوضع الحالي لها بشكلها الحضاري الديموغرافي الحديث.
وهذا ما أشار إليه الدكتور «داود الربيعي» في كتابه (قضاء الزبير، دراسة في الجغرافية البشرية 1398هـ/1978م) والدكتور عبد الباسط الدرويش في (موسوعة الزبير) بأجزائها الخمسة يختم الماضي والحاضر لغاية سنة (1434هـ/2013م).
من هنا، تأتي أهمية هذا الكتاب الذي دأب على رسم الصورة الحديثة لمدينة «الزبير» العراقية المعاصرة بكل مفاصليها بالتفصيل، وهذا الكتاب هو المكمل لكتاب المؤلف الأول والذي جاء تحت عنوان (الزبير نشأتها، عوائلها، شيوخها، قضائها، مساجدها وأمثالها الشعبية القديمة)، أما هذا الكتاب فقد أفرد فيه المؤلف الفصل الأول للـ«زبير» في العهد الثاني، ثم خصص الثاني الحديث عن الزبير في العهد الوطني والمالي، لتأتي هذه الدراسة بمثابة دراسة مقارنة بين مدينة تلاشت ومدينة بزغت على نفس الأرض، أما الفصل الثالث، فقد تناول المؤلف فيه الهجرات إلى «الزبير» منذ عام (1332هـ/1914م) من الإحسائيين مروراً بأبناء العشائر الجنوبية وتوطين الغجر قرب «الزبير»، ونزوح أهالي الفاو في الحرب العراقية – الإيرانية إلى الهجمة الاستيطانية بعد الاحتلال الأميركي (1424هـ/2003م)، ودار الفصل الرابع حول «الزبير» في حاضرها بمختلف مفاصلها الاجتماعية والاقتصادية والحضارية، وتضمن الفصل الخامس حديثاً حول العشائر في «الزبير» الحديثة، وتم تخصيص الفصل السادس والأخير للإشارة إلى أهم الشخصيات التي تركت بصمة في «الزبير».
وقد تم إغناء الكتاب بملاحق من مثل ملحق (1): ملخص مقتضب لأهم الأحداث في «الزبير»، ملحق (2): مدراء إعدادية «الزبير» للبنين، ملحق (3): (الأوليات)، ملحق (4): حملة شهادة الدكتوراه في «الزبير»… وهكذا..