أخبار عاجلة

المعجمية العربية: أصولها وتطورها

$15.00

د. أحمد إبراهيم خضير اللهيبي

تاريخ الطباعة: 2019

عدد الصفحات: 128

الوزن: 0.232

ISBN 978-614-424-311-4

السعر: 15$

الوصف

   ارتقت العربية في أواخر العصر الجاهلي رقياً كبيراً، وتطورت جميع لهجاتها التي تتكلم بها القبائل المختلفة، ونشأت لهجة أدبية راقية، تأخذ من هذه اللهجات جميعاً، وينظم بها الشعراء، وبخطب بها الخطباء، لتشبع آثارهم الفنية ويكتب لها الخلود. وحين انتشرت هذه اللهجة الأدبية اعتبرت هي اللغة الفصحى، وبقية اللهجات أقل فصاحة، وتتفاوت في الفصاحة بمقدار قربها أو بعدها من هذه اللهجة الأدبية. واعترف القرآن للعرب بهذه القدرة، قال تعالى: ﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُدّاً﴾ [مريم: 97] ولعمرك؛ إن القرآن نفسه هو الدليل على هذا التفوق اللغوي، فهو معجزة الرسول العربي (صلى الله عليه وسلم) الكبرى تحدّ بها العرب جميعاً في ميدان فخرهم: البلاغة، وأعجزهم. ولما كانت نظرة العرب إلى لغتهم، ومحاولتهم التفوق بها، عُنوا بتهيئة الظروف لأبنائهم، كي تتيسر لهم السيطرة على اللغة والامتياز بها. واستمدت عنايتهم بها بعد ظهور الإسلام. وقد واجهت اللغة العربية مآزق مع الفتوحات الإسلامية، ودخول شعوب البلاد التي فتحها المسلحون الإسلام. وكان لهذه الشعوب لغاتها. فنشأت هناك لغات تفاهم من اتصال العرب بغيرهم وهذا شكّل تهديداً للغة العربية، وانتشر اللحن التركيبي، وذاع اللحن الإعرابي ذيوعاً هدد كبراء العرب؛ بل خلفاءهم أيضاً. في ظل تلك الظروف، وتحت تهديد تلك الأخطار حاول العرب أن يحافظوا على لغتهم نقية خالصة من الشوائب، وأن يقيموا حولها الأسوار بشتى الطرق (من خلال كتب تحفظ قواعدها مثل كتاب أبو الأسود الدؤلي). وكان آخر الظواهر الجديرة بالتسجيل لمعاصرتها تيار الدراسات اللغوية، ومدها إياه بالروافد، ظاهرة التدوين العلمي. ففي أواخر العصر الأموي وأوائل العباسي، وضعت أسس معظم العلوم العربية: نقلية، كعلوم القرآن والحديث والفقه والأصول والنحو، وعقلية: كالرياضة والمنطق والكلام والفلسفة. وقلما وجد علماً إسلامياً نشأ بعد، ولم يكن قد وجدت جذوره في هذه الفترة. وكان نشاط المسلمين في ذلك يسترعي الأنظار، ويستخرج العجب، وليس هناك من نشاط يشبهه إلّا نشاط العرب في فتوح البلدان. فقد نظم العلماء أنفسهم فرقاً كفرق الجيش، كل فرقة تعزز الجهل أو الفوضى في ناحيتها حتى تخضعها لنظامها، ففرقة للغة، وفرقة للحديث، وفرقة للنحو، وفرقة للكلام، وهم يتسابقون في تدوين العلوم وتنظيمها. وقد اجتمعت هذه العوامل جميعاً، فأثمرت الدراسات اللغوية التي حاول الباحث تتبع تطور أحد أوجهها؛ وهي حركة المعجمات. وكان للدراسات اللغوية وجوه أخرى، أبرزها وأشهرها ما يسمى «علم النحو» وكان في بدئه يسمى «علم العربية»، ويعنى بطريقة الربط بين المفردات ليبيّن المفردات العربية المختلفة في التعبير؛ ومن الوجوه أيضاً «علم الصرف» الذي يُعنى بمباني المفردات العربية المختلفة في التعبير؛ ومن الوجوه أيضاً الشروح المختلفة التي ظهرت في هذا العصر الأول على دواوين الشعراء والقبائل، وتعددت الدواوين فيما بعد إلى كثير من العلوم. وبالإمكان عدّ منها شروح القرآن المسماة بالتفسير، وشروح الحديث، ومنها أيضاً الجهود التي قام بها العلماء الأولون لضبط اللغة العربية المدونة، من حيث الشكل والإعجام. وقد ظهرت هذه الوجوه كلها في هذه المدة، وسايرت حركة المعجمات، بل سبقتها في الوجود، ولكن لن يأتي المؤلف على ذكرها في هذا الكتاب لخروجها عن ميدان البحث. ومن الطبيعي أن نشأت الدراسات اللغوية الخالدة ضعيفة، ما كان باستطاعتها الاعتماد على نفسها، أو الانفراد بوجودها، فأخذ المهتمون بها يغذونها بأقوالهم وأبحاثهم، فقويت وتمت، إلى أن استطاعت الوقوف على رجليها، وبالاستقلال بنفسها، ثم بلغت مرحلة الفتوة والنضج. وفي هذه المرحلة الأخيرة ظهرت المعجمات. أما ما قبلها من مراحل فلم يكن هناك وجود للمعجمات، وإنما هي تمثلت برسائل لغوية صغيرة ذات اتجاهات مختلفة. من هنا تأتي هذه الدراسة التي يتابع الباحث من خلالها حركة المعجمات في سياقها التاريخي من حيث أصول نشأتها ثم المراحل المتتابعة التي مرت فيها خلال تطورها وصولاً إلى الشكل الذي أخذته نهائياً.