الوصف
يعتبر الغناء العراقي، شاخصاني مقامات الراهنة من المنابع الأصيلة لما يتزاحم حول تاريخنا الاجتماعي في إطاره الشعبي من انطباعات وارتسامات، فهو قادر على تحديد وتشخيص المعالم والصوي التي تستطيع أن ترشد المؤرخ إلى مطارح الإبداع الشعبي في تياراته الاجتماعية… «والمغنون البغداديون والمقام العراقي» هو محتوى هذه الحلقة، من النفائس الفلكلورية التي جاد بها يراع الشيخ «جلال الحنفي»، ولسوف يقدره القارئ العربي تقديراً أعمق من مجرد المتعة، لأن الأستاذ المؤلف، حين استماله الغناء العراقي، وتحبب إلى المغنيين البغداديين… ازداد خبرة بموضوعة شكلاً ومضموناً، وهذا ما جعل تقديراته كلها سليمة وصحيحة. وإنني أعتقد أن ذلك وحده لكفيل بأن يحفز القارئ إلى الإفادة من هذا الكتاب جملة وتفصيلاً: لقد استوعبت دفتا هذا الأثر النافع فصولاً شيقة فتحت أكثر من نافذة على النغمة في بغداد، والحس الموسيقي لدى أهل هذه المدينة الخالدة، وعلى المقام العراقي والجالغي البغدادي، وعلى الأدوار التي تؤويها المقامات العراقية في الموالد النبوية والأذكار والتجميد على المنائر.
وقد ذيل المؤلف ذلك كله بمعجم مؤبجد عن أعلام الغناء والقراءة والتمجيد والعزف والموسيقى قوامه مائتان وعشرون ترجمة تناولت المغنيين والعازفين على السنطور والكمان، والموقعين على الديرزان والدنيك، وقادة أجواق الجالغي البغدادي من «اللذين راودوا هذه الصناعة الرائعة ومهروا فيها خلال القرنين الآخرين». وقد ألفح المؤلف في جمع الأشتات وعرضها بأسلوب، سهل، عذب، يشوق القارئ، ويحضه على التقام الكتاب حرفاً بسور وارتياح، هذا وقد ختم المؤلف كتابه بكلمة جامعة حول الغناء وتلقيه وتلقينه، أودعها ببيانات توضيحية عن واقعنا الفني، ومركز الصوت الشعبي العراقي، وأهميته في إنعاش الطرب العربي العام.