أخبار عاجلة

موسوعة تاريخ الإمبراطورية الفارسية من قورش إلى الإسكندر 7/1 (6 مجلدات)

$200.00

تأليف: لبيتر بريانت

ترجمة: الدار العربية للموسوعات

تاريخ الطباعة: 2011

عدد الصفحات: 2416

الوزن: 5.57

ISBN 978-614-424-173-8

السعر: 200$

الوصف

من أحد الخواص البارزة للتاريخ الأخميني أن الفرس على خلاف معظم الغزاة لم يتركوا شهادات مكتوبة حول تاريخهم بالمعنى القصيص للكلمة، ومن الواضح أنه على عكس الملوك الآشوريين لم يكن لدى أباطرة الفرس سجلات تاريخية لحفظ وتمجيد ذكرى أعمالهم العظيمة في ميدان المعركة أو خلال رحلات الصيد، فلا يملك الباحثون عرضاً تاريخياً لتسلسل الأحداث أعده علماء البلاط الملكي بأمر من أحد أباطرة الفرس.

ووفقاً لديودورس (3204(II ، فإن ستيسياس، وهو الطبيب اليوناني الذي كان في بلاط أرتاكسركسيس الثاني، ومؤلف كتاب (بلاد الفرس) كان يتباهى بأنه تمكن من الوصول إلى «السجلات المكلية» والتي يحتفظ بها الفرس، بموجب قانون معين (نوموس) خاص مهم، بروايات تسجل شؤونهم القديمة، ولكن، لا يوجد أي دليل آخر – ولو بسيط جداً – على وجود مثل هذه السجلات التاريخية الفارسية، وذلك باستثناء التقليد المشكوك فيه الذي ظهر مؤخراً والذي يعزو تدميره إلى الإسكندر، وعلى سبيل المثال فإن السجلات التي أشار إليها محرر كتاب عزرا (Ezra) هي سجلات إدارية، وكانت تحفظ في دور المحفوظات المررزبانية الملكية تلك (باسيليكاني جرافاي، كاراماروساساري) توثق القرارات المهمة مثل: منح الأرض أو إعادة تخصيصها، وأيضاً الوثائق المالية، ويحتمل أن هيرودمت قد استعان بمثل هذه الوثائق (والتي كانت توجد في العديد من العواصم الإمبراطورية والمرزبانية) في إعداده لقائمة الجزْية المعروفة الخاصة به، ولكن قيام هيرودوت، ذلك المؤرخ الذي ينتمي إلى هاليكارناسوس بجمع بياناته الإدارية بنفسه من خلال إجرائه مقابلات مع أشخاص من تلك الأقاليم التي وقعت فيها الأحداث التاريخية الهامة وهي الطريقة التي أشار إليها في أماكن عدة من مؤلفه – هو من الأمور التي لا اختلاف عليها، ومن المحتمل بدرجة أكبر أن ستيسياس اعتمد على الأقل في كتابه (بلاد الفرس) على شهادات شفوية، كما أوضح ذلك فوتيوس الذي قام بتلخيص ذلك المؤلف (بلاد الفرس فقرة 1)، وهذه بالتأكيد هي الطريقة التي سمع بها كل من هيرودوت، ستيسياس والعديد من المؤلفين اليونانيين حول الروايات المختلفة للأساطير التي تم نسحبها حول مؤسس الإمبراطورية «قورش» قاموا بعدها بإعادة ما سمعوه.

ولقد تم نشر تلك الحكايات التهذيبية حول الفضائل الملكية في جميع أجزاء الإمبراطورية من وجهة نظر «الأشخاص المثقفين»، وهنا تكمن الأهمية التي تم إعطاؤها للروايات الأخمينية على سبيل المثال التي رواها أحد المؤلفين المتأخرين وهو إيليان، ومن الواضح أنه استمد معلوماته من هيرودوت ذاته أو من أحد أعضاء البلاط أمثال ستيسياس، ومن وجهة النظر هذه، فإن المثال الأكثر بروزاً هو تلك الفقرة التي ينقل فيها بوليبيوس في صورة كتابية إحدى المعلومات الإدارية الأخمينية الهامة للغاية والتي حفظها الفلاحون الهيروكانيون في ذاكرتهم عبر الأجيال، وعن طريق سلسلة من الصُّدَف منقطعة النظير، كان الشخص المسؤول عن حفظ السجلات الملكية موجوداً عندما قام، رؤساء المجتمعات الهيروكانية بناء على طلب من أنتيوخوس الثالث بسرد الامتيازات التي تمتعوا بها منذ ذلك الوقت «الذي كان فيه الفرس هم سادة آسيا»؛ ولكن يجب التأكيد على أن المعلومات كان يمكن أن تفقد كليّاً لولا أنها كانت ذات أهمية مباشرة أثناء الحملة العسكرية التي قادها ذلك الملك السيلويسي في وسط آسيا ولقد وجد بوليبيوس هذا التقرير في أحد المؤلفات هو مفقود الآن.

ومن جانب آخر، وفي إطار التأريخ للإمبراطورية الفارسية، لا يمكن التقليل من أهمية نقل الروايات بصورة شفوية في أراضي الشرق الأدنى خلال الأغاني والقصص، التي أعدها المجوس «سادة الحقيقة»، حيث قام الفرس أنفسهم بنقل أعمال ملوكهم وذكرى الأبطال الأسطوريين من جيل إلى جيل، وأصبح الصغار بدوهم المستودع الذي يحتوي على كل تلك التقاليد الشفوية وفي المخلية الجماعية للشعب الفارسي.

وهكذا فلقد ترك الأباخرة والمواطنون الفرس المهمة مراقبة ذاكرة تاريخهم إلى الآخرين، بالإضافة إلى ذلك هناك سجلات من السلطة المركزية؛ حيث تعكس النقوش الملكية بصورة صادقة نظرة أباطرة الفرس إلى سلطتهم، وفضائلهم، وحدود إمبراطوريتهم؛ كما أنها تقدم أيضاً معلومات مهمة للغاية حول أنشطتهم الإنشائية، ولكن وبدون شك، فإن الاكتشاف الأكثر أهمية هو تلك المجموعة الكبيرة من المحفوظات المنقوشة على الطمي والمعروفة بألواح برسيبولس، والمكتوبة بشكل مسماري باللغة الإيلامية التي تحتوي أيضاً على بعض الكلمات الفارسية، وتقدم هذه الألواح صورة بيروقراطية مختلطة الأوراق للإدارة الإمبراطورية والتي ليس بالإمكان الحصول عليها إلّا من خلال المصادر اليونانية.

ومهما يكن من أمر فإن الملاحظات السابقة حول مصادر التأريخ للإمبراطورية الأخمينية تظهر الصعوبات البالغة التي تواجه أي شخص ينوي كتابة مؤلف تحليلي عن تاريخ تلك الإمبراطورية.

من هنا، تأتي أهمية هذه الموسوعة حول تاريخ الإمبراطورية الفارسية من قورش إلى الإسكندر الذي عمل مؤلفها جاهداً على تكريس هذا المصدر الذي أمكنه من خلاله الإحاطة بكل الجوانب التاريخية بشكل شامل بما يتطلب من منهجية لمثل هذا النوع من التأليف، في أن يعالج المؤلف كل سمة ومكوّن، سواء كان سياسياً، أم إيديولوجياً، أم اجتماعياً، أم اقتصادياً، أم دينياً، أم ثقافياً… إلخ.

وفيما يتعلق بالموسوعة من مصادر وتعليقات، سيجد القاري بأن الكتب والمراجع لم تكن فقط هي مصدر مؤلف هذه الموسوعة، وإنما هناك مصادر ووسائل أخرى كما وأسباب أخرى للتفسيرات المختلفة، وفي مواضع أخرى، قام المؤلف باتخاذ موقف أقوى مقدماً تفسيراته الخاصة، على أمل أن تؤدي هذه الموسوعة إلى ظهور تحقيقات جديدة متخصصة، تعيد فتح باب المناقشة حول العديد من التفسيرات التي قدمها المؤلف غالباً في شكل مقترحات بديلة وصريحة.